والناس الذين في هذه الإقطاعيات على نوعين: إما مزارعون عمال، وهؤلاء يكدحون ويعملون لمصلحة المالك، وهو الذي يأخذ الغلة كلها، ويعطيهم بقدر ما يأكلون أو يعيشون به، لكن لهم بعض الحقوق التي قد تمكنهم من الزواج، أو أن يتملك أحدهم شيئاً من المال بقدر ما يعطيه سيده، ويمكنه أن يتجول في الإقطاعية، فهذا نوع من الحرية، ويعتبر هذا الوضع وضعاً جيداً.
والطبقة الأخرى: هي طبقة لا قيمة لها مطلقاً، وهم الرقيق، والرقيق الذي يؤتى به إلى أوروبا كانوا هم أسرى المسلمين في الحروب الصليبية التي كانت في الأندلس ، أو في بلاد الشام أو غيرها، أو يؤتى بهم من الشعوب المنحطة جداً بالنسبة لهم وهي: الشعوب الشرقية؛ شعوب الروس والصرب، فهذه الشعوب كانت أحط من المنحطين في ألمانيا و فرنسا .
فأسرى الحروب عموماً هم الرقيق، والرقيق كان كالدابة سواء بسواء، فلا يملك أي شيء في ظل النظام الذي يسمونه: النظام الإقطاعي، أو الفيودالي، وهذا هو نظام الحياة الذي ألفه الإنسان الغربي، فهناك الملاّك الذين يسمونهم: النبلاء، أو السادة، وهذا المالك واحد في الإقطاعية.
وهذه الإقطاعية فيها قسيس واحد أيضاً، وهو يتحكم في شئون العلم والدين، وهو وحده الذي يقرأ، ووحده الذي يكتب، ووحده الذي يستغفر الناس عنده إذا أذنبوا، ويقدمون له العشور، ويقدمون الضرائب، ويقدمون له كل شيء، فهم يعبدونه من دون الله، فما بقي لهم من دنياهم من شيء بسيط فإنه لا يأخذه عليهم المالك أو الإقطاعي، وإنما يأخذه القسيس (رجل الدين)، وهكذا يعيشون، فما كان أحد منهم يستطيع أن يتنقل من إقطاعية إلى إقطاعية، فأصله مرتبط بالأرض، وإن كان رقيقاً فهو أدنى من أن يفعل ذلك، وأما الفلاح فهو مرتبط بالأرض.